إستقالة بشار الأسد وانتخابات حرة في سوريا نظهر الحقيقة

زيارة السفيرين الأميركي والفرنسي إلى حماه حصلت من أجل تقديم تقريرهما أمام مجلس الأمن»
عمر بكري لـ «الديار»: الجراح في المدن السورية ستقود الشعب الى أسلوب الجهاد في سبيل الله

Wednesday, July 13, 2011 - 10:51 PM

جهاد نافع

حين انقلب الداعية السلفي الشيخ عمر بكري على مواقفه السابقة منذ عدة اشهر ،فوجئت حينها الاوساط السلفية والسياسية كافة وراحت تطلق سهام النقد الجارح من تصريحات واتهامات شتى. وحين وقعت الاحداث في سوريا جاءت مواقف بكري بمثابة انقلاب جديد على انقلابه السابق حسب كثير من الاوساط المتابعة لحراك بكري الديني والسياسي ورأت فيه انسحاب من مواقفه السابقة وانقلاب على من ناصره ووقف الى جانبه في محنته القضائية ، لكن ما هي حقيقة هذه المواقف؟
وما هي اسباب هذه الاستدارة السريعة في تصريحات ارتدت طابعا شديد اللهجة وعلى مقاييس شرعية؟
هل هي خضوع لإرادة الشارع الاسلامي في طرابلس ام انها مراجعة نقدية ذاتية اجراها الشيخ بكري ورأى فيها كداعية سلفي انه من غير الجائز ان يسير عكس التيار السلفي وعكس الشارع الاسلامي في طرابلس؟؟..

ثمة تساؤلات عديدة طرحناها امام الشيخ عمر بكري فستق في الوقت الذي اعلن فيه عن تأسيس "تيار نهج السلف" كرئيس له وعضو اللجنة الشرعية فيه، وهو حسب قوله " تيار علمي شبابي لم يتخذ شكل التنظيم او الجماعة ، غير أن هذا التيار الذي ينضوي تحت لوائه سلفيون شباب من تلامذة بكري الذين يتلقون دروس النهج السلفي انما هو تيار يضاف الى سجل الحركات والمؤسسات التي سبق للشيخ بكري أن اسسها او انشأها منذ انسحابه من حزب التحرير الى تنظيم (المهاجرون) مرورا بتنظيم (الغرباء) وصولا الى تأسيس تيار "نهج السلف" .

الشيخ عمر بكري يعلق على الاحتجاجات التي تحصل في سوريا بالقول " لقد عانت وذاقت الأمة الإسلامية الأمرين ـ ولا تزال تعاني ـ من بطش وظلم الأنظمة العربية والخليجية التي تتحكم بها وتحكمها بغير ما أنزل الله، ولقد ضاقت الأمة من الانتهاكات لحرمات الله وحرماتها ومما تعانيه من سجن وتعذيب وقتل.. وقدر الله لها أن تنتفض الأمة الإسلامية ضد الظلم والفساد ونشبت الثورات ضد الظلم والفساد في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن والأردن والسعودية والبحرين وسوريا والجزائر والمغرب وغيرها، وقد ضيع النظام السوري الفرصة التي كانت سانحة له لتدارك الأمر بالطرق السلمية ولجأ الى العمل العسكري والأمني ومارس النظام السوري كل أساليب الخداع والوعود الفارغة الى جانب القمع والقتل والعنف والتضليل الإعلامي المكشوف ضد الشعب المسالم المقهور. وقـد رأيـنا من خلال تصرفات السلطة ضـدّ الثورة السورية، كيف كانـت أكاذيب النظام في غاية السذاجة، وتبريراته لجرائمه في منتهـى الحمـق والسطحية!! ولذلك فإن الحركات الإحتجاجية التي تقع في سوريا اليوم هي ثورة شعب تمرد على الظالم، وهذه الثورة من أساليب الجهاد بكلمة حق في وجه سلطان جائر يقتل شعبه، بل هي من أعظم الجهاد في سبيل الله لمن خلصت نيته وخرج متظاهرا طاعة لأمر الله تعالى للتخلص من الظالم وحقناً لدماء المسلمين وحفاظاً على كرامتهم " .

وأكد بكري أن كلّ المؤشرات تتَّجه إلى أنَّ نظام البعث السوري وأدواته القمعية إلى زوال ـ بّإذن الله تعالى - وأن تغيُّرَ النظام في سوريا أصبح مسألة وقت والعد التنازلي قد بدأ منذ أنطلاق مسيرة درعا. وقال: " ولأنَّ سنة الله تعالى في الظالم إذا تراجع عن ظلمه نجا، وإذا تمادى في ظلمه هلك، والنظام السوري قد تمادى في غيه وكذبه ومكره ففي الوقت الذي يدعو إلى الحوار، واتخاذ خطوات الإصلاحات، يزداد زبانيته في بطشهم وظلمهم" .

وبرأيه ان اللقاء التشاوري الذي انعقد جاء " بعد فشل الحل الأمني والقمعي من ترويض الناس وكبت تمردهم بسبب تسليط أضواء الكاميرات والهواتف النقالة على ممارسات الأجهزة الأمنية السورية وبثها عن طريق الانترنت وغيرها من وسائل الإتصال السريع لتكون تحت مرأى ومسمع من العالم مما أدى الى نتائج عكسية وأنفضحت ممارسات النظام القمعية ونفذ صبر المؤسسات والمنظمات الدولية واصبح النظام السوري في أمس الحاجة الى مزيد من الوقت للقضاء على التمرد الشعبي. واخذ النظام يعمل جاهدا الى أن يوجه الأضواء بعيدا عن العمل العسكري والتظاهرات الى مؤتمرات صحفية وما لقاء التشاور الذي غابت عنه المعارضة إلا من أجل كسب المزيد من الوقت للاستمرار بعمليات القمع الدموي للقضاء على حالة التمرد الشعبي العارمة. والنظام القمعي قد استنفـد كلّ ما لديه من وسائل قمـع، ومن فرض للحصار الخانق على الناس والمدن، إلى قتل الأطفال والتعذيب والإغتصـاب وإطلاق النار على المتظاهـرين، والإعتقالات العشوائيـة المذلة، وترويـع الشعب مما دفعهم الى الهجرة من ديارهم، ومع ذلك فالثورة الى ازديـاد، والشعب في إصـرار وعنـاد. وهذا يعني أنّ النظام لـم يعد لديه ما يوقف الزحـف الثـوري، بل الإحتقان سيزداد أكثر فأكثر. ولم يعد ينفع النظام إختلاق وجود مخربين وإرهابيين وحركات سلفية وتكفيرية وإمارات إسلامية مزعومة " .

ويعتقد بكري " بأن النظام السوري لم يعد قادرا على الإستمرار في الكذب والتضليل الإعلامي ولن تنقذه كل هذه اللقاءات والحوارات وعليه القيام بعمل تغيير راديكالي للنظام القائم في سوريا والا فان الموجة ستشتد والدماء ستنزف والعقاب والدعوات الى الثأر ستزداد وجروح مجزرة حماه القديمة لم تندمل بعد، وقد ألهبتها الجراح الجديدة في مختلف المحافظات والمدن السورية، مما سيؤدي الى رفع مستوى الإحتجاجات وقد يقود فئة من الشعب الى اللجوء لأسلوب آخر من أساليب الجهاد في سبيل الله وهو الجهاد باليد للدفاع عن أنفسهم " .

وعلق على المعارضة السورية التي اجتمعت في باريس مع يهود في مؤتمر واحد بالقول " المعارضة مجموعات متعددة المفاهيم والمبادىء ولا يجمعها إلا الوقوف في وجه الظلم الذي وقع من النظام، ولكن إذا ما قامت فئة من المعارضة بالتواصل مع الأعداء كالإسرائيليين ومن خلفهم من الدول الطاغوتية كالإدارة الأميركية والأنظمة الأوروبية وطالبت بالتدخل العسكري الغربي في الشأن الداخلي فإنها ستقع في كبائر الذنوب التي تخرج من الملة وتستحق لعنة الله والملائكة والمسلمين. فان التخلص من الطاغوت الظالم لا يكون بالإستعانة بطاغوت أكبر وأظلم منه " .

وعن زيارة السفيرين الاميركي والفرنسي الى حماه واستقباله من قبل المتظاهرين بالورود واجتماعهما مع قيادات معارضة في حماه قال: "لا شك بأن زيارة السفيرين الأميركي والفرنسي الى حماه أنما هو من أجل تقديم تقرير وشهادة عينية من قبلهما أمام مجلس الأمن ومن أجل استصدار القرار الذي يسهل عليهم فرض المزيد من العقوبات على النظام السوري الى جانب التدخل العسكري. واللوم يقع على ممارسات الأجهزة الأمنية القمعية ووسائل الإعلام السوري الذي يحرف الحقائق ويظهر التظاهرات السلمية بأنها عمليات قتل وتخريب وارهاب مما دفع بعض المغلوب على أمرهم مكرها أن يلجأ الى تسهيل دخول السفراء الأجانب للاطلاع بأنفسهم على الوضع " .

أما عن الاحتجاج الذي نفذه سوريون امام السفارتين احتجاجا على هذه الزيارة رد بالقول: " أعتقد بأن زيارة السفيرين لمدينة حماه كانت من أجل إعداد تقرير موثق بشهادة من تقبل شهادتهم في مجلس الأمن، وكانت بمثابة استدراج للنظام وأنصاره للرد بطريقة قمعية على زيارتهما، وقد وقعوا في الفخ، وجاءت المظاهرات أمام السفارتين بنتائج متوقعة لهما، وهي ليست في صالح النظام السوري، بل على العكس لصالح التقرير الذي تعده السفارتين الأميركية والفرنسية لتقديمه الى مجلس الأمن " .

ورأى في تصريحات الوزيرة كلينتون عن الرئيس الاسد انه فقد الشرعية، " هو كلام يصدر من الإدارة الصليبية الأميركية ومن يسير في ركابها الى جانب المنظمات الدولية لا قيمة لها في ميزان الإسلام من الناحية الشرعية، وما جاء على لسان وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون محاولة مستميتة من الإدارة الأميركية للظهور بمظهر الدولة العظمى التي لا تعاني من أي أزمات إقتصادية حادة، ولإخفاء ما تعانيه من ورطة غرقها في المستنقعات العسكرية التي استدرجتها اليها القاعدة في أفغانستان والعراق. وهي تحاول التأثير على الأسرة الدولية من أجل الحصول على قرار يدين النظام السوري في مجلس الأمن، وهذا يدفع بالمعارضة في الخارج للتواصل معها لحفظ مصالحها المستقبلية ".

وحول سؤال يتعلق بانقلابه على مواقف «حزب الله» وعلى سوريا منذ بدء الاحتجاجات بعدما وجه نداء الى الاسد واعتبره مقاوما حين واجه أزمة مع السلطات اللبنانية قال : "انا لم أكن مع هذا ولا ذاك حتى أنقلب أو أتقلب، بل الواجب علي كمسلم أن أدور مع الإسلام وأحكامه والتزم بها طاعة لأمر الله تعالى، وهذا الذي أنا عليه والحمد لله على نعمة الإسلام والثبات على الحق رضي من رضى وسخط من سخط واللهم إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي. وما مناصرتي باللسان والمال للجهاد والمجاهدين في سبيل الله لإقامة شرع الله في أفغانستان والعراق والشيشان والصومال وغيرها إلا خير شاهد على موقفي الشرعي. وكذلك فإن مناصرتي باللسان لحركات المقاومة ضد العدو الإسرائيلي المحتل في جنوب لبنان وفلسطين، وهي حركات مقاومة تقاتل لتحرير الأرض والتراب إلا أنني أخالفها في الجزئية الأخرى الواجبة من المقاومة وهي تحرير الأرض والبلاد لإعلاء كلمة الله فيها حتى تتحول المقاومة من مشروع تحرير أرض وتراب وطين وحسب الى مشروع قتال في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا إظهارا لدين الله وتطبيق شرعه" .

وتمنى بكري على الرئيس الاسد أن يفاجىء العالم بتغيير جذري منذ الشرارة الأولى للثورات في تونس ومصر وغيرها خاصة عندما بدأت المظاهرات في درعا، ولكنه ضيع فرصة الحل السلمي ولجأ الى الحل الأمني والقمعي. ويعتقد بأن الممانعة الحقة موجودة في الشعب ومن سيمثله بإذن الله قريبا.

واعتبر بكري انه ليس مع 8 ولا 14 اذار وليس صحيحا ما يقال عنه انه يكون اينما تكون مصالحه الخاصة خاصة عندما واجه مشكلة وقف الى جانب حزب الله ثم انقلب عليه وانما الصحيح يقول بكري : " الحق بأنني أدور مع الشرع الإسلامي حيث دارـ وأرفض أن يُستغل أو أن يجير موقفي الشرعي في أي مسألة لتصنيفي في خانة 8 آذار أو 14 آذار سواء صادف موقفي الشرعي موقف أحدهما أو خالفهما، وموقفي الثابت مع المقاومة ضد العدو الإسرائيلي لم يتغير ولن يتغير إلا اذا تغير واقعه لأن لكل حكم شرعي في الإسلام واقعه، ولا يعني بحال من الأحوال أنني أوافق الحزب على موقفه من النظام السوري، ويجب على المسلم رفض قمع النظام السوري والممارسات التعسفية ضد الشعب الأعزل، فهذه بالنسبة لي مواقف شرعية إسلامية مبدئية لا تتغير ولا تتبدل " .

ونصح بكري الرئيس بشار الأسد وهو الذي صرح بأنه إذا لمس بأن غالبية الشعب لا يريده فإنه على استعداد للتنحي والتنازل عن السلطة، أن يعلن حل النظام السوري ، وأن يطلق سراح جميع السجناء فورا، وأن يدعو الشعب لاستفتاء شعبي على شكل النظام الذي يرغبون العيش على أساسه وأن ينتخبوا الرئيس الذي يقبلوه حاكما عليهم، وأن يسلم السلطة لمجلس عسكري أعلى في سوريا لحفظ الأمن ولمراقبة عملية الاستفتاء الشعبي لتداول السلطة بطريقة سلمية خلال مدة زمنية محددة. وهذا الأمر سيظهر للجميع رغبة غالبية الشعب السوري واذا ما تم إنتخاب الرئيس بشار الأسد يقوم عندها بالإصلاحات المناسبة للوضع الجديد وهذا سيظهر للجميع الإنسجام والإلتحام بين الشعب السوري وقيادته المنتخبة من دون ضغط أو إكراه وفي المقلب الثاني عليه أن يتقبل النتيجة العكسية بروح رياضية والإنفتاح على رياح التغيير في المنطقة.

رابط مصدر الخبر : جريدة الديار 14-7-2011
http://www.aldiyaronline.com/index.php/aldiyar-topic-article/16/8865