عدد الرسائل : 41 العمر : 37 السٌّمعَة : 5 نقاط : 166 تاريخ التسجيل : 12/07/2010
موضوع: ميراث السعوديات .. حقوق ضائعة تبحث عن حل 28.02.13 4:17
محيط - وفاء بسيوني
رغم حق المرأة في الميراث الذي كفله لها الشرع والقانون فهذا الحق منصوص عليه في القرآن الكريم ، إلا أن هذا الحق يخرق باسم العادات والتقاليد والعيب في بعض الدول العربية.
ففي الوقت الذي أنصف الدين الإسلامي المرأة وأعطاها كامل حقوقها الشرعية، ومن هذه الحقوق حقها في الميراث ، إلا أن هناك فئة من الناس من أقارب المرأة من خالف ما جاء في شرع الله من إثبات هذا الحق وسلبه، واستولى على إرثها بدعاوى جاهلية باطلة، ويدل على ذلك ما تشهده بعض المحاكم من قضايا معروضة عليها تشتكي فيها المرأة من سلب حقها في الميراث
ونجد في السعودية على سبيل المثال تقوم بعض قبائل وعشائر وعائلات الجنوب سلب ميراث النساء من خلال ممارسات متعددة في هذا الإطار وصلت إلى حد تحويل إرث المرأة إلى عيب اجتماعي بداعي الطمع أو الجهل أو الخوف من مشاركة "أغراب" ، وفي هذه الحالة تعجز بعض النساء عن المطالبة بحقوقهن في الميراث.
عنف اقتصادي ويعد استيلاء الأقارب الذكور للمرأة السعودية على ميراثها ،شكل العنف الاقتصادي المنتشرة في السعودية وكأحد أنواع العنف الأسري، بحسب دراسة ميدانية حديثة لمركز رؤية للدراسات الاجتماعية، حيث ذهب 33 في المئة من عينة الدراسة- التي يصل عددها إلى 2040 مفردة من جميع المناطق بالسعودية- إلى أن (استيلاء أقارب المرأة الذكور على ميراثها) يعد أحد أشكال العنف الاقتصادي المنتشر جدا، مقابل 14 في المائة أشاروا إلى أنه نادر جدا، في حين أشار 19 في المائة إلى أنه غير منتشر، مقابل 18 في المائة أشاروا إلى أنه منتشر.
وذكرت الدراسة أن ما نسبته 32 في المائة من إجمالي العينة يرون أن (استيلاء الرجل على مرتب الزوجة أو القريبة) منتشر جدا، مقابل 11 في المائة أشاروا إلى أنه نادر جدا، كما أن (عدم الإنفاق على الزوجة أو التقتير مع القدرة على الإنفاق) منتشر جدا .
وأكد أحمد المحيميد المحامي والمستشار القانوني عضو برنامج الأمان الأسري بالسعودية، أن العنف الاقتصادي ضد المرأة يمثل الوجه الأكثر شيوعا بين حالات العنف المجتمعي على حسب الدراسات الاجتماعية، وإن لم يصنف على أنه إيذاء جسدي، إلا أنه أشد ألما وضررا ويخلف وراءه الكثير من المفاسد الاجتماعية، جازما أن الاحتكام إلى شرع الله، والعمل بالعرف الصحيح، ومراعاة مصلحة الأسرة ، يستوجب حل مثل هذه الأمور بالهدوء، خاصة مع عدم وجود نظام خاص ينظم شئون الأسرة بعيدا عن اختلاق المشكلات بين المرأة ومحارمها.
واستنكر المحامي المحيميد فعل الرجال الذين لا هم لهم في الحياة إلا أن يستولوا على أموال النساء، سواء أكانت رواتب أم مهورا أم ميراثا أم ملكا شخصيا لهن، وكأنها أحد ممتلكاتهم الخاصة، مهمشيـن شخصيـتها الاعتبارية، مؤكدا أن هذا ينافي معنى قوامة الرجل، وفيه مخالفة شرعية تستوجب معاقبته على استيلائه على حق غيره بالإكراه، حيث إن ذلك يعتبر سرقة لمال الغير تجرمها الشريعة.
ويجزم المحيميد بأن الحل الأمثل للقضاء على مثل هذا النوع من العنف المجتمعي هو الاعتراف الشرعي والرسمي بذمة المرأة المالية ونشر ثقافة الحقوق وسن نظام خاص للأحوال الشخصية ينظم الحقوق المالية والأسرية للمرأة.
العلم الأبيض ويشير مجموعة من النساء لصحيفة "الوطن" السعودية أن الجدات والأمهات يلعبن دوراً في تلك الممارسات التي تنتهي فور التنازل بمأدبة عشاء وتقديم بعض الهدايا الذهبية ورفع علم أبيض على واجهة المنزل إعلاناً بتنازل بنات الأسرة عن ميراثهن.
وقال مواطنون إن بعض النساء يجدن حرجاً في البوح برغبتهن في الحصول على ميراثهن لسببين: الأول هو الخوف من الوقوع في "عار المطالبة"، والثاني هو الرغبة في أن يرث أبناؤهن عنهن، وفي هذه الحالة لا تقام مراسم أو احتفالات، ويتم الأمر بشكل سري.
ويرى قانونيون أن انتشار هذه التقاليد يعود إلى الجهل والنظرة الدونية التي تحرم المرأة كثيرا من حقوقها، مشيرا إلى أن بعض القبائل ترى عيبا أن ترث المرأة، فيقال لها: تنازلي عن نصيبك للذكور.
وأشاروا إلى أن للمرأة الحق في رفض هذه المساومات والتقدم للمحكمة العامة التي تعتبر الجهة المختصة لاستقبال هذه الدعاوى، لتطالب بقسمة إجبار، تجبر فيها الورثة على إعطائها حقها.
كما أكدوا على السعى إلى الإصلاح قبل تحريض المرأة على إقامة الدعاوى، لأن رفع الدعاوى يسيء لها فضلا عن كونه ينافي تركيبتها.
ورأى رئيس لجنة المحامين في أبها والمستشار القانوني يحيى الشهراني أن من المصالح التي تتحقق بإقرار تعجيل قسمة الميراث ، براءة الذمة للمورث من أي التزام أو دين، إذ إن كثيرين يموتون "مديونين" ، وكذلك ضمان العدالة بكون القسمة تحت إشراف قضائي وينال كل من الذكور والإناث حصتهم.
وذكرالشهراني أن من المفاسد التي يترتب عليها تأخير القسمة، بقاء ذمة الهالك معلقة خصوصا إذا مات مديونا، استغلال بعض الرجال للنساء للتنازل عن حقوقهن بإجبارهن سواء بالتغرير أو التدليس، تعدد الورثة وتكاثرهم بحيث تنشأ الكثير من الخلافات لتعدد الأنصبة وتكررها، وهضم الحقوق وقطع الأرحام والإضرار بالناس. واقترح الشهراني أيضا ربط كل هذه البيانات بمركز المعلومات بشكل إلكتروني، بحيث تتم متابعة كل متوفى مباشرة وقسمة تركته بشكل عاجل، وتعليق بعض الخدمات للورثة إذا لم يلتزموا بالمدة المحددة، وبهذا يتم فرض النظام على الجميع للالتزام به وتحقيق المصلحة العامة من خلاله.
الطمع ويرى قانونيون أن طمع الأقارب الرجال هو أحد أبرز الأسباب في عدم تمكين النساء من حقوقهن في الإرث، مضيفين إلى ذلك عدم علم المرأة بنصيبها، والتأخر في تقسيم "التركة" إما بسبب تهاون الورثة أو بسبب تشعب تركة الميت وكثرة أملاكه وتفرقها في أماكن مختلفة.
ومن جهتهم، يدعي بعض الرجال أن المرأة لا تحسن التصرف في مالها، ويعتبرون أنه لا بد من وصي عليها للمحافظة على مصلحتها. وعلق على هذا الموضوع القاضي السابق محمد الجذلاني مؤكداً لقناة "العربية" أنه ومن خلال تجربته ومشاهداته لاحظ وجود ظلم كبير في السعودية يطال النساء في مسائل الميراث.
وشرح أن هذا الظلم يتجلى في عدة طرق، حيث أحياناً يتم إخفاء الميراث وعدم التصريح به، وأحياناً أخرى يتم إكراه المرأة على التنازل عن نصيبها في التركة، وأخيراً بعض الأعراف القبلية في بعض المناطق لا تكفل حق المرأة في الميراث، ويتم إلحاق الأذى بمن تطالب بحصتها.
كما أشار الجذلاني إلى حالات الزوجات المتعددة، حيث أحياناً الورثة يحاولون التعدي على حصة الزوجة الثانية وأولادها، خاصةً إذا كانت غير سعودية أو إذا كان زواجها غير علني وفيه إشكالات.
تحريم المساومة هذا وقد حرم مفتي عام المملكة وأعضاء هيئة كبار العلماء مساومة الرجال للنساء على حقوقهن في الميراث للتنازل عنها، واصفين ذلك بأنه خلق جاهلي، واعتبروا تنازل المرأة عن حقها حياء منها لاغيا وغير معتد به شرعا.
ووصف المفتي العام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حرمان المرأة من الميراث وتهديدها للتنازل عنه بأنه ظلم وأكل لمال حرام وتعطيل لحكم من أحكام الله، كما وصف الحيلولة بين المرأة وبين إرثها من أبيها أو أمها أو أبنائها بأنها من "الجهل"، لأن الله عز وجل أعطى المرأة حقها من الميراث، وحصولها على إرثها "واجب" فرضه الشرع، وقال إن اعتقاد البعض أن توريث المرأة خطأ أو نقص يعتبر "ردة عن الإسلام".
أما عضو هيئة كبار العلماء وعضو المجلس الأعلى للقضاء الدكتور علي بن عباس الحكمي فاعتبر أن هذه التصرفات نزعة جاهلية نهى الإسلام عنها، وقال "لا يجوز لمسلم أن يفرط أو يتحايل للاستيلاء على ميراث النساء، لأن ذلك مصادمة لشرع الله وأمره".
وبين أن الرفع للمحاكم من قبل المتضررة إذا لم يفلح الود والصلح ولو ببعض التنازلات، أمر مشروع ولا يجوز لأحد أن يلومها في ذلك، لكنه قال "لو تم الاتفاق مع رضا النفوس لكان أولى لأن القضاء يجلب العداوات".
كما أشار الحكمي إلى أن من واجب القاضي حين ينظر في خصومات حقوقية وغيرها، أن يبدي نصيحة قبل البت فيها، لتقريب النفوس والإصلاح لأخذ الحق بنفس راضية.
هذا وقد أبرز حقوقيون دور الجمعيات والهيئات المعنية بحقوق الإنسان في مواجهة الظلم وإعادة الحقوق لأصحابها، وطالبوا بالتعاون مع الجهات المختصة في هذا الشأن، حتى يتم نشر الثقافة الحقوقية في المجتمع وتتلاشى الظواهر السلبية فيه.
المطالبة بالحقوق وكشف عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان وأستاذ الفقه في المعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان، عن أن الهيئة رصدت شكاوى عديدة لنساء يتظلمن من حرمانهن ميراثهن. وأفاد بأن الهيئة رصدت أيضا انتهاكات عديدة في هذا المجال عبر موظفيها المنتشرين والذين يتلمسون احتياجات الناس ويتجاوبون مع تطلعاتهم على حد وصفه إضافة إلى المتعاونين مع الهيئة. وقال إن الهيئة معنية بشكل كبير في هذا الأمر، فقد أعدت دراسات متعددة وكتبت بيانات وتحدثت أيضا عن طريق منسوبيها تحذيرا وسعيا في إيجاد الحلول بدءا برئيسها وانتهاء بأعضائها.
ونبه إلى أن المشكلة لا زالت قائمة وتحتاج إلى وقفة صادقة من هيئة حقوق الإنسان وغيرها من الجهات المعنية والمختصة بهذا الأمر. ووصف التحايل بأنه "تعسف ومن أظلم الظلم"، مشيرا إلى أن أصحابه مرتكبون لأكبر أنواع الكبائر وأشنع أنواع الظلم، مضيفا "يترتب على ذلك آثار سلبية وقطيعة رحم وعقوق وعذاب في الدنيا والآخرة". وقال: "أنصح من ابتليت بالتحايل عليها أو منعها حقها أو أجبرت بوسائل اجتماعية ما أنزل الله بها من سلطان أن لا تتردد بالرفع للمحاكم والجهات المعنية لاسترداد حقها".
وفي هذا الصدد طالب الفوزان بضرورة تشكيل حملة واسعة لتشجيع النساء للمطالبة بحقوقهن ويتم فيها توضيح حق المرأة في ذلك، وقال إن المرأة تؤجر إن هي فعلت ذلك لأنها تسهم في إبراء ذمة أهلها ممن بخسها حقوقها وتسهم في رفع الظلم عن الكثيرات. ودعا زعماء القبائل وطلاب العلم في القرى والمناطق التي تحصل فيها هذه العادات أن يقوموا بدورهم التوعوي وتشجيع من هضمت حقها برفع الدعاوى القضائية إذا لم يجد الصلح بينهم حتى تزول هذه الجاهلية وتسلم النساء من الظلم.
وتشير الكاتبة سهيلة زين العابدين بصحيفة "المدينة" السعودية أن المرأة تعتبر من أهم التحديات التي تواجه منظومة الإصلاح ، ولن يكون هناك إصلاح مالم يتم إصلاح وضع المرأة في المجتمع التي تشكل 49% من البناء المجتمعي، ولم تنل الكثير من حقوقها التي منحها لها الإسلام، مؤكدة أن المرأة السعودية لم تتمتع بما منحها الإسلام من حقوق، فبفرض الأنظمة والقوانين وصاية ولي الأمر عليها الذي حرمها في كثير من الأحايين حقها الشرعي في الميراث إمّا لأعراف قبلية، أو لتسلط ولي الأمر، هذا التسلط الذي غزَّته وقوَّته تلك الأنظمة التي سلبت المرأة أهليتها، وجعلتها تحت الوصاية الأبدية لولي الأمر، ويعزّزه قبول القاضي تنازل المرأة عن حقها في الميراث لإخوتها، وهو يدرك أنّ هذا التنازل تمّ رغماً عنها نتيجة الضغوط الموجهة إليها من قبل إخوتها وسائر أفراد الأسرة، بدلاً من أن يحميها، ويُعزِّزها أيضاً اشتراط وزارة التجارة على سيدة الأعمال أن يدير أعمالها رجل، والذي يستلم بضائعها من الجمارك وكيلها، ممّا يعرّضها للابتزاز.